مِيعَادٌ..!
هذا هو ميعادي ،
ميعاد الرحيل ، ميعاد الاغتراب ، ميعاد الالم ...
دق جرس الكنيسة المقابلة
صوت القطار،
آذان الرحيل،..
فحي على العدم ، حي على الرحيل
هذا هو ميعادي
ذكرى الطرد تعاد
أنا اليهودي الذي طرد من فرنسا
أنا المورسكي على ضفاف الموكادور
أنا زهرة من فلسطين طردتني رصاصة الإحتلال إلى اللاوجهة
أنا الحنين ، الشوق ، أعقاب السجائر ، و بقايا الاغاني
التي كنسها عامل المقهى،
أنا الغيمة التي ضلت طريقها إلى البيت ، لهذا أبكي في السماء
بكايا يسمع في الأفق
ولا أفق في الفضاء ...
كل الأراضي وطني ،
و وطني قصيدة و كأس خمر
القصيدة ترجمت إلى اللاتينية !
فصرت غريبة عن قصيدتي ، عن وطني
و كأس الخمر سقط
سقط سهوا على رؤوسنا
سكرنا ، ضعنا ، تشردنا ، و أسكتنا ...
القصائد لأبناء فرنسا .
أما الخمر لأبناء الوطن المباع ، المكترى ، المنسي...
هذا هو ميعادي !
هذا هو ميعاد الرحيل
الريف الذي احتضن جدي
تربته تطردني اليوم ...
أنا الوحيد في الفراغ
أنا الوحيد.
جناحيا تكسرا بالتنقل
أنا المنبوذ من جنة الاستقرار
أنا كل المحطات
أنا شاهدة القبر التي لم تجد من تشهد لوفاته
كأن الموتى أحياء
و كأن مدينة الموتى سلام
و الأرض ذراع للاحتضان،
أنا أراضي المهجر المهاجرة
أنا البحر الذي احتضن جثت المهاجرين
و انا الذي لم يحتضني أحد
بحر فقط ، لا رمل يدفئني
لا سمك يؤنسني
لا صوت هنا ،
و لا صوت لأسمعه
أين الأفق ، أين الالوان، أين الربيع ، اين العيد،
أين بيتي الخشبي ، أين الريف ، أين جدي ،..
كيف كبرت الخراف بعده
و كيف طارت خرافي التي أعدها كي أنام؟
وكيف طارت جنيات النوم و كيف أنام ؟
و أين أنا و أين مرقدي ،
و أين نعشي ، كيف طردتني قريتي ، كيف اغتربت عن الريف ،
و كيف أذهب حافيا على قبري دون نعيشي ،
أين توقف القطار؟
ولما غدرت المحطة كل انتظاري و لم تنتظرني ....؟
أنا العيد الذي لم يجد يوما ليتبناه
قصيدة المنفى
نفيت من جديد
الحلم ارتوى ،
الطفل تعلم البكاء بصمت
الطفل تعلم الصمت عن ما يؤلمه ،
الطفل تطبع ، تصنع ، تألم ...
الطفل صار فيلسوفا
الطفل صار متحدثا، متمردا
الطفل سجين الآن .
العجوز هلك من الانتظار، شاب و شاخ
العجوز مات في قاعة الانتظار
العجوز تعلم أن موعد الموت أقرب من موعد الطبيب
أولوية الحياة لأبناء فرنسا
مواعيد الموت حجزت لنا
نحن المنبوذون،
منبوذون ،، من افريقيا ، فرنسا ، الأندلس ، أم خشبة المسرح!؟
نحن من نام المخرج و ظلننا نرقص على أيامنا
أغلقت الستائر على أحلامنا ،
الخشبة مرقص ، مذبح ، حضيرة المشتهى،
و حلبة سباق
نقطة النهاية خبز و كبش لأضحية العيد ،
و هل الأضاحي تقدم الأضحية ؟!
الجمهور ! و آسفاه .....!!
حدث و كان كفيفا ً ، أصماً ، أبكماً
الجمهور قانون ، برلمان، ثورٌ ، و رجل دين
أما سياسي، هو الديكور البلاستيكي الذي لا تعلم القاعة أ يزينها أم يزيدها اكتضادا ؟؟...
العجوز عاد على كرسي الموت ،
حطم بعكاز انتظاره السياسي الذي وعده
و ثمن الوعد أثمن من حطام ، من وقت ، من أيام
ثمن الوعد عمر جديد...
بعفوٍ عاد الطفل
أعاد الجريمة!
ام أعاد الحق ، ام العداله ، ام أعاد الخلاص !
اغتصب رجل الدين ، وأراق دمه
دمه المقدس الذي طالما دعاه الى الصمت ، الخشوع
الصلاة ، و انتظار الآمال ...
دمه المليء بالذهب و الدسم
و حقوق الناس
دمٌ أدكن من سواد نقاب ،
أكان رجل دين أم إله ...
و طفل أ كان الجاني أم سيد الثوار ؟
ام مجرد طفل فاته أن يكون طفلا
لم يدرك متى كان طفلا ، متى كان ثائرا، سجينا ، سفاحا و متى شاخ ؟
آ أختار ؟!
لا الطفل و لا العجوز تعلموا سير الحياة في مدينة الموتى .
و أنا التي دعوت فيها دون ميعاد
وهي التي طردتني دون سابق إنذار
هذا هو ميعادي
ميعاد الرحيل
المدينة التي طردتني البارحة على ضفافها
اليوم تدعوني
الريف الذي احتضنني في رحابه اليوم يرميني ،
هذا هو ميعادي!
غاب أغسطس يا جدي
وآن آوان الذهاب
أنا لم تقل لي أنني شجرة عيدك الواقفة أمام الباب
ماذا حدث للعيد ، وأين رُحلتَ بابك
شبح صورتك يخاطبني بالرحيل
و صوتك يلامس روحي
أنا ليس كل ما يلامس الروح صلاة،..
صليت .
عُلِقت صلواتي أمامي
لم أكن أعلم أني في سماء !
خاطب الر مال ، خاطب التربة و الأشجار
إرجوا الطيور التي تزورك كل صباح
و أخبارهم أن حفيدتك لا تستطيع الانصياع
و لا الانطباع ، و السعي وراء الخبز و فاتورة ماء ..
أخبرهم أن حلمي جناحٌ موسيقي
ستكسره مباني المدينة
و سيسكت صوتي ضجيجها...
كيف لي ان اعتاد تبديل الاحلام
من أن أكلم حصاني ، أن اقابل جنية الماء
أن ألقي قصائدي في نيفرلاند
إلى أن أصارع جاري ، و ألحق الباص
قصيدتي هذه لا اعتذار و لا سلوان و لا تذمر
الواقعية واقع يحاصرني
و أنا كدرويش
لا أجيد قراءته،
انها حقائق تعاد
و كوابيس تعاش.
لم تتبعني المدينة
خلعت رداءها بعد أول وداع
فأبستني القرية رداء الخلاعة ، الخطيئة و الابتذال
و لكنها كانت العدم الجميل
لا حياة ، لا أحلام ، لا آفاق...
مدينة الموتى مسرح أبناء فرنسا الصامت
و الريف لمن ؟
الريف لملك الموت
الريف قاعة الانتظار
و الموت البطيء على مقصلة الأحلام الشائكة
لا حياة لنا !
لا في المدينة و لا الريف ...
الصحراء ليست لنا باعتراف الجميع
و البحر بيع
فأين أنا ، و أين موطني
دلني فقط على مرقدي
و تكفل بجثتي
ولك جزيل شكري و امتناني سيدي !
و هذا هو ميعادي
ميعاد انتهاء القصيدة...
"قصيدتي ترجمت الى اللاتينية فصارت غريبة عني "كهذا هي مشاعرنا فإذا قصصناه للاخر صارت غريبة.
ردحذف"اكان الطفل جاني ام سيد الثوار " او يعلم هو ما فعل ام اننا نمتهن حرفتنا المعهودة في التصنيف .....
رائعة جدا