رَسائِل عَبَاد الشَمس


رسالة ٦: إلى المختفي



مرحبا أيها المختفي ! 

مضت ستة عقود ، وثورة 

و خمسة و خمسين وفاة

مر الطاعون و الجراد

و إنتهى الحصاد

كبرت الجياع

و تمردت الأخيار

إلتحمت النفوس بالجراح

و صارت اشباح

توالت الصعاب

و صارت الاجساد أصنام 

لك العقاب يا مختفي 

هل تعلم أنني كبرت ؟ 

صرت بعمر شجرة آدم

صرت بعمر خطيئة 

صرت بعمر شجرة زيتون من زمن الاستعمار

ولكنني ولدت زمن تفتح الاقوان

عاشرت عباد الشمس

والآن صرت من شواهد القبور 

 أسمع الصرخات

أشهد غدر الأرجل للأحباب 

أقيم المذابح ، و أبكي للعرائس

لك النار يا مختفي !

أميرات مخيلتي صرن عجائز

القصور في ذاكرتي

أصبحت مقابر

الفرح أصبح من الكبائر 

الإيمان أصبح شرك

و أنا و الشرك 

نجول في المذابح

قاموسي و معجمي 

و حقيبة كلماتي

استوحيتها من ملك الموت

موسيقى داخلي 

صارت نواح

تعلمت في غيابك 

عزف الآلام

بتت أجيد نوتة

النفخ في السور

بتت أجيد صرير الاسنان

و تمزيق الاجساد 

الكلمات أصبحت مدمية ؟ 

في غيابك إستبدلت الالوان بالدماء 

فكيف لشاهدة قبر أن تعرف معجم الحياة ؟

لك العار يا مختفي!

بعدك بموت واحد

مات الكل

كأنما السور قد نفخ

و الحساب قد أتى

أتت خدام النار

ساقوني للجحيم

هناك حيث فقدتني

هناك حيث تلفتت

و رآيتكم 

صرخت ، لوحت ، بكيت ، نوحت...

كنت هناك أيضا 

ولم تكن 

كنت بصحبة سيجارتك 

 و أوراقك و كأس نبيدك

وفي الطرف الآخر

كان ذاك الجزء الملعون

من أمشاجك

الباقون يشاهدون و يسمعون

يمسكون أرواحهم كي لا تتبع إنسانيتها و تنقذني

إستجمعت آخر حطام تبقى من كبريائي 

غرسته ،

وبعد ثلاثون موتا و جرح

صار عباد شمس 

عرفني على الفن 

بدأت أستجمعني قليلا

صار لي أصدقاء

انتقلت من المذبحة إلى الفناء

حيث الاصنام و اللوحات

المعزوفات و الآلهات

صار إسمي مينيرفا

لكل الحكمة التي إكتسبتها 

بين الشواهد

و ها أنا الآن بين الآلهة و الملائك 

إنه العفو أيها المختفي .

لك الخلاص يا مختفي ....


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بريد المدينة (هايكو)

يشبه الهجرة إلى حد كبير

هل أحدثك عن الخريف ؟