المشاركات

عرض المشاركات من 2020

الانسحــــاب

صورة
  صالون مهترئ وجسد هزيل يختبئ وسط جلبابه، يصنع ركنا مريحا براحة يده و يلوح هائما بين جنبات مخيلته ترطمه اطلال أحلام الماضي البعيد و يدفنه ببطء قاتل فتاتها . مطولا تحت رحمة هده النظرات لا يفكر بشيء جديد فلا وقت هنا للوقت ، كالمحكوم بالإعدام لا وقت له لتخيل المستقبل ، الا بعض شذرات الماضي التي لا تكف عن زيارته كل ما انفرد وحيدا بنفسه. في السبعين من عمره، يتكور داخل جلبابه يجلس القرفصاء في الزاوية ويترقب شبح المارة من على الشرفات، كالأرواح الهائمة هو يهيم في اللاجديد، هنا في المنفى، هنا في البيت... في السبعين من عمري. محارب قديم، زوج قديم الطراز، وصديق لأربعة رفاق، لا غذا لي، ولا ترغب الالهة في التوضيح، سوى فيروس لعين يقطع طريق العابرين،   لا أدين للحياة بشيء غير ثياب محارب قديم، كنت قد ورثتها لأبنائي بعد سن العشرين.. مازلت اخلد في الذاكرة تفاصيل حلم مضى، حتى قاطعتني نظرات الشفقة من زوجتي وهي تتحسس جيوبها، تريد ان توصل لي شيئا شامخا لا تصله الكلمات، فلم تجد له سوى الايماءات، فلا تجهدي نفسك يا زوجتي في التعبير. انهيت حفلة التنكر هذه، ناولت قفتي من على الدرج العلوي بعد ان ذكرني الالم برفيق

ســــقطَ القنـــــاع

صورة
سقط القناع  قبل اليوم بخمسة أشهر .... أدبر الظلام، و إرفدت بشائر الأشعة الأولية المنسلة من الشمس، تسابقها على إعلان يوم جديد - لم يكن أبدا يوما عاديا - فلطالما كانت تتبعه الأرجل الحافية تتبع العبد لسيده، و تترقبه العيون من على الشرفات ، و البطون الجائعة من خلف الأبواب و الأباء بقفوفهم المنتظرين في الأسواق ، و الايادي المعلقة في النوافذ من شدة الصَبابة، و الأجساد الراجية في العناق... فلم تلبث أن ضحت الشمس و كشفت عن كل و ضوحها حتى هتف الجميع إلى الشوارع هتاف المستجدي الواحد و هتاف المصدوع الواحد ، وهتاف الجسد الواحد لأن ما كان يجمعهم هذه المرة هو نفسه ما كان يبقيهم مفترقين . حتى كدرت العيون من الاشتياق و الأفواه من السلام ، فسرت من على مضجعي ، أسبل إلى الخارج شئني من شئن غيري ، أتريت و أرتئد في الخطوات غير مبالية لا بوعث الطريق و لا بتأجج الشمس ، ألقي السلام على هذا و أشخص النظر في ذاك ، بفرحة و دهشة و فضول الضرير الذي يلامس النور بعد غلسٍ طويل ، كان الجميع تائها وسط الجميع، الرفاق من الرجال يتسامران في المقاهي ، أما النساء كن قد غرقن في الأقوال في الأسواق بين القهقهات و جلسات الشاي، ماز

نزلاء فندق أمير بلاج

صورة
ما تبوح به نظرات نزلاء فندق الحسيمة،  كان صباحاً عاديا بشكل يخيف . الكل على عجلة،  الجميع في سباق مع الآخر ناولت طرفاً من فراشي الكرتوني ، و تربعت في الوسط كان الشارع على طوله و المدينة بأزقتها ، أروقتها و زبالاتها مواطني إلا أنني كنت في الوسط أكون مرئيا أكثر ، إتخذت وضعيتي عيني صوب أرجل المارة و رفعت يدي قليلا ثم شرعت في تنويح أدعيتي رغم أنني أكثر حاجة إليها ، إلى أنها كانت جزء مهما ، و ضرورة مشروطة منها في عملي ؛ كنت أبايعهم رجاءاتي و صلواتي مقابل كرمهم و في أغلب الأحيان ببلاش . كان نهاري يبدأ مع أول يد تتصدق لي و أول رجاء يقبل ، و في بعض الأحيان لا يبدأ و لا تشرق شمسي رغم أشعتها التي تثقب رأسي . ظللت في الوسط على مرأى الجميع مخفيا ، لدهر من الزمن إلى أن رجتني كل رجواتي ، و أتممت كل صلواتي أنزلت يدي رويداً بعد انتصاب طويل . ناولت مرة أخرى قطعة الكرتون و ارتحلت إلى الجانب الآخر حيث إلتسقت بالجدار ممتصا منه كل برودته  و سافرت في تأمل المارة الذين كانوا على غير عادتهم ، كان الوضع فوضوياً بشكل خفي و الجميع خائف بشكل صامت . لم أقرأ يوما هذا الشعور في أعينهم و لا هذه الأنانية ف