جرعة مفرطة من الفراغ...
تجلس الفتاة و ينطلق القطار
في الزاوية ، شاب يمسك سيجارة و يداعب ولاعته
تقول الفتاة:
أحب طريقتك بالانتحار ،
أحب كيف تخرج دقائق من حياتك
وتطلق سراحها
أحب كيف تدخل السموم الى قلبك بحفلٍ
موكب سرطان على أنغام الاوبرا
حفل تأبين ، مبَكر !
أحب،
فَنك ،
طريقتك في إحياء كل هذه الجمادات
التي تحيطك
كيف تكسب كل شيء جزء منك
كيف تخرج روحك و فتات جسدك، دخان
و تزرع نفسك في كل شيء
الكرسي ، النافذة ،الزهور، الفتاة الواقفة
ملابس الصغير ، شعر العجوز ، القمامة ، الخبز الملقي على الطريق ، العبث ،
بقايا القهوة على اسنان السائق ،
الغيوم
أحب كيف ينتقل دخان روحك و يداعب الغيوم
فتصبح غيمة
أحب كونك في كل شيء...،
لكنني أكره التدخين و المدخنين !
أجاب :
ماذا لو كنت سيجارة !
كنت لأحب كوني سيجارة
لو على الاقل كنت أستطيع التدخين معاكسا
لو يشعلني أحد
لو أدخن نفسي بإفراط
حتى أستنزف كل خلية بي
و أنتشر في الفراغ
كموجة فوق صوتية
و كأشعة فوق مرئية
كأغنية دُندنت و لم يطلق سراحها
فظلت معلقة في حبال صاحبها
كلوحة منسية
او كسيجارة رميت و هي مشتعلة
كزهرة عباد شمس قبالة شاهدة قبر لا الشمس
كرسالة ألقيت في البحر
او كصرخة لازالت في الجبل
المهم أن أتلاشى...
...
لو كان بإمكاني أن أدخلَ سكينا من فمي
فأتقيأ قلبي و عقلي
و كل خلية
تخونني من وراءِ رغبتي
و تفَكر
كم أن هذا التفكير قاتل
كان عليهم أن يضعوا شعارا على الكتب
مثل ما يوجد على غلاف السجائر
التفكير يقتل،
او يكتبونها بالأحمر و يجعلونها بارزة
في الوسط تماما ...
هكذا أجابته
لازالت المحطة بعيدة
لكن القطار لا يغير سرعته
زمن الوصول محتوم
و لازالت الشمس تجري مع القطار
الاشجار ايضا
يبدو كأنها تَلحقه
لديها رسالة ربما
لكن القطار يتجاهلها كسائر القطارات
ربما يهرب من الظلام الذي تغمسه فيه
كلما دنت اليه
او ربما هي بحد ذاتها ظلام
و ربما يدخل القطار في حالة اكتئاب عندما تقترب منه
فيعمه الظلام
جديا ، ما الذي يجمع الاشجار بالقطار !
قال الفتى ، و قد لاحظ مطاردة الاشجار للقطار
و هروبه منها
و الظلام الذي يعم
حين يلتقيان
ماذا لو كان هذا الظلام الذي يعانقنا
سببه عدم انطلاقنا
لأننا لم نجتاز محطة الانطلاق حتى ،
سببه عدم هروبنا
و ملازمة أمكنتنا
هل يعقل أن الآلات تدرك ملاحقتها
و تهرب ونحن لا
كان بوسع القطار الخوف و التوقف
لكنه أكمل إلى المحطة
هل نحتاج سائقا اذن
ماذا اذا وصلنا إلى المحطة و إختفى الظلام
ماذا لو كان كل ما نعيشه بسبب الاشجار
و البنايات العالية
هل نهرب للطبيعة اذن
و طببعة مليئة بالاشجار ايضا ....
...
لا يمكن أو يكون من يجعلنا احياء
هو من يبعث الظلام
هل فكرت يوما لماذا الاشجار
وحدها ، تعطينا الأكسجين !
حب !
عاطفة!
خلقت كذلك!
لا بسبب الذنب ،
بمثابة اعتذار
أليست هي سبب نزولنا الى الارض
اشجار التفاح خاصة
أليست هذه أم الأشجار !
أكره أشجار التفاح بالمناسبه ،
اخاف ان اكالها
فأجدني في العالم السفلي
كخطيئة،
و هكذا اجابت الفتاة...
المحطة الأخيرة
تَوقفَ القطار
نَزل الرُكاب
توقفت الفتاة عن التفكير
بسبب
فرط التدخين
توقف الشاب عن التدخين
بسبب
فرط التفكير
عاد القطار من جديد
لازالت الاشجار تلاحقه
و لازال يهرب ....
تعليقات
إرسال تعليق